27.5.14



بنو "أمية" السياسة


البعض ممن راهن ويراهن إلى اليوم على العون والعامل والفعل والتدخل الخارجي لتغيير سدة الحكم نحو "الأقلية الساحقة" في الجزائر، أو حتى نحو "الغالبية المسحوقة" واهم، لأنه لا يعرف سر التراكمات الداخلية الانفعالية تجاه الخارجي والأجنبي، حتى ولو كنا جميعا "نمجد" في دواخلنا أمجاد فرنسا.. لكن في بلدها! وليس عندنا! الذين يعتقدون أن الربيع العربي، الذي صار خريفا، قد يتحول من جديد إلى "ربيع أمازيغي"، لا يفهم كثيرا في التاريخ ولا في الجغرافيا ولا يقرأ النتائج ولا يستخلص "العبر"، التي من المفروض أن نكون قد استخلصناها كلنا جميعا من "كتاب العبر" وعبر الكتب وعبر التاريخ.

الوهم، بأن الخارج عمل فعال في كسب معركة الداخل، وهم تاريخي، نجح ولكنه فشل في النهاية! استعان العرب والمسلمون والمغاربة بالروم وبالأسبان وبفرنسا وفي المحصلة يعرفون ماذا حصل! والآن، إنهم يتوددون لفرنسا وأمريكا من أجل نقلهم إلى مصاف الحكم وهم أقلية.

نمت لأجد نفسي أعيش زمنا غير زمننا هذا! فقد قام زعيم قبلي قبائلي، بعد أن عمل المستحيل لكي يرضي إسرائيل وأمريكا وفرنسا لكي تتدخل في الجزائر من أجل فرض منطقة مستقلة في منطقته وبعض المناطق التي يعكر فيها صفو الوئام العام. حصل على ما كان يريده: جمهورية بربرية مستقلة عاصمتها "يهوذا". وهذا بعد أن صفى المعارضين المسلمين الإباضيين والسنينن على حد سواء والذين رفضوا مخططاته الجمهورية اللآئكية الشعبية البربرية غير الدينية. صفاهم واحدا واحدا عن طريق العمل الإسرائيلي المجاهد ضد الفلسطينيين الإرهابيين! تجربة إسرائيل ضد الإرهاب الفلسطيني في كل من غزة والضفة، جعله يفلح في الضغط على الحكومة الضعيفة من فرط تضاعف الضربات على خاصرة حدودها الجنوبية والغربية والشرقية حتى أضعف الجسد ككل وأرغمت السلطة على تقديم تنازلات وقبول استقلال نصف الجهة وسط الشمال وجنوبه. نصف البلاد راح للدولة الجديدة من جراء التقسيم على النحو الذي فعل في السودان! المسيحية صارت عنوانا بارزا في الشعائر، لكن لا رائحة للمسيحية الحقة! العربدة والخمور والفسوق والفجور وأكل الخنزير ورمضان في عز النهار، وقلة الحياة والحشمة والوقار، هو قانون السيادة العامة في هذا الجزء السيد من جمهورية الحرية المطلقة! اليهود صاروا بالآلاف والنصارى أكثر وأصحاب لا دين ولا ملة أكثرهم جميعا!

ماذا فعل الشعب المجاور؟ أغلقوا الحدود وبنوا السدود، أمام الشذوذ، وأوقفوا توافد الوفود ومنعوا تدفق الوقود والـ food". وحاصروا الدولة المنفصلة من كل جهات الحدود: من جهة أولا حمود إلى بني صمود، مرورا بشمال منطقة أولاد عبود ونزولا باتجاه وادي اليهود. وأعلنت الجزائر فضاءها ممنوعا لكل طائر يطير بجناحيه، وتحرك الجيش وميليشيات الشعب لإسقاط أي حمامة تحوم أو سيوانة تهوم! قرابة 3 ملايين صاروا تحت رحمة الجوع والمرض والموت البطيء! فتحت قوافل الإغاثة ومخيمات للاجئين، وفر بعد الكر أكثر من ثلاثة أرباع دولة الكفر، نحو الأرض الأم! استقبلهم أخوة الأمس بالحنين واللمس، فيما أشبعهم مسئولوهم بالركل والرفس والضرب والعفس، لأنهم تجرؤوا على العودة إلى حضن أرض الأم، وخانوا ملة الكفر والعدم، باحثين عن الحب والاستقرار والتقاسم والعيش المشترك بعيد عن الشحن والمحن وقانون الغاب والدواب ونكران النكير والمنكر النكير.

وفي ظرف سنوات لا تتعدى الخمسة، كانت الجمهورية المنفصلة تعلن نهايتها بلسانها ويدها وتعلن التوبة بعد أن تم التنكيل بأصحاب النزعة التي أدت إلى هذه "المعزة"..فقد قام البواسل الأشراف من أحرار الأمازيغ من ا
جتثاث قلوب المغامرين الشواذ من أجوافها وعلقوهم على الخوازق من أردافها، أمام الملأ لمدة شهر في شمس الطهاج ولهيبها.

لم تتدخل لا فرنسا ولا أمريكا ولا حتى إسرائيل! فقد فر اليهود مذعورون مما حل من داخل وخارج الجمهورية الملعونة في القرآن، غير مصدقين بأن هذا قد وقع أو قد يقع! فقد وقع عليهم خبر الأحداث كصاعقة عاد وثمود، ولم يتوانوا في التنكيل بالهاربين والمرتدين بحسب توصيفهم، إلا أنه لا أحد تمكن من الوقوف أمام سيل الشعب الجارف، الرافض للمهانة والضيم وبيع الكرامة الإنسانية والخيانة في حق الأمة والتاريخ والدين والإنسان الحر الشريف الكريم. لم يفهموا أن الشعب الجزائر واحد وأن البربر والعرب وجهان لعملة واحدة وأن العقيدة والأخلاق هما الصفتان المركزيان لديهما، وأن النبل والإخلاص والتفاني والحرية والاستقامة من شيم البربري والعربي، وإن الخسة والدناءة والحقارة من شيم شواذهم وشذاذ الآفاق..

استوعب الجميع الدروس بعد النكوص، وعاد الكل إلى موقعه الأصلي وعاد الأرض أرضا للجميع والوطن وطنا للجميع والشعب للبلد الواحد، إلا أن الحكومة بقيت حكومة شعب آخر، لا هذا ولا ذاك. وكان على الجميع أن يعملوا على توحيد قواهم جميعا من أجل "شعبنة" الحكومة والسلطة التي لا تزال تختزل الشعب في شعاب بعض الأودية وبعض الأفراد المرضى بدون أدوية!

لما أفقت من غفوتي وكان الوقت وقت ظهيرة، كنت أمام جريدة الأمس وقد كتبت تعليقا طويلا عن الأطراف المحركة للنزاع في الجزائري تحت بند التدخل الأجنبي. قلت في نفسي وأنا أضحك: ألم يقل الجنرال جياب أن الإمبريالية تلميذ غبي، يرسب ويرسب وسرعان ما يجد نفسه في آخر الأمر يطرد من المدرسة؟ كان عليه أن يقول أن الغباوة أيضا في أعوان الاستعمار، لأنهم هؤلاء قد طردوا من المدرسة حتى قبل دخولها!




أنت تغلط ونحن نصحح



 حملت نفسي وقلت: لن أكون من المقاطعين حتى ولو قطعوا صوتي إربا إربا. فأنا مواطن، ولي حق المواطنة والمشاركة في كل ما يتعلق بأمور الوطن: سأذهب للصندوق حتى ولو أتى الصندوق بغير ما تشتهيه سفني الجاثمة على الرصيف منذ سنوات طوال! لن أبقى بعد اليوم ملاحا بلا بحر ولا شراعا بلا سفينة، سأذهب وأخوض بنفسي في منافسة الصندوق التي قد تكون هذه المرة نظيفة ونزيهة بوعد جديد من أعلى القمة. ورغم أني متشكك، إلا أني أميل إلى الأمل في التصديق كون شكي ليس في محله وأن "بعض الظن إثم". فلقد طال عمر التعددية عندنا نسبيا، ونكون قد تعلمنا أن نحترم إرادة الشعب بعد أن نزعناها منه منذ استفتاء  جويلية 62، وباسمه لا باسم غيره!: باسم الشعب ننقلب علي الشعب ونسحب منه أصواته "لصالع" الشعب! حتى أني لم أعد أعرف من هو هذا الشعب الذي يريدونه والذين يتحدثون باسمه وبه! هذا الشعب لا يوجد إلا في أدمغة وألسنة من يتلهجون به! مع كل هذا، قلت أن "الخاوة" يكونون قد استوعبوا الدرس وصحا ضميرهم وأنهم قد عادوا إلى رشدهم بعد أن تفطنوا وتأكدوا بأن الشعب الذين كان يرون فيها "قاصرا"، قد هرم هو الآخر وصار يفهم أكثر منهم في السياسة وفي الكرة وفي الدين وفي الاقتصاد وفي الثقافة والعلم والتربية والتعليم.
بكرت صباحا، لكي أنتخب بلا انتظار طويل في الطابور، مع أني كنت أشك أن يكون هناك طوابير في الصباح الباكر (ولا في المساء!). الناس قد ملوا الانتخابات الموسمية الدورية التي لن تأني بجديد، ما دام أن الجديد مرسوم في الغرف المظلمة داخل الصالونات والاستوديوهات المضاءة!. بكرت أنا لوحدي، بعد أن قرر كل أفراد (وبقرات) عائلتي بمن فيهم زوجي عدم الذهاب إلى الصندوق، بحجة أنه لا فائدة من انتخاب شخص من الأشخاص المقترحين، ما دام أن الشخص المراد له أن يكون الفائز هو الرابح حتى ولو كان خاسرا! وأن النتيجة معروفة سلفا: الشخص هو نفسه عينه الذي هو سلفنا "الصالع". رأيي أنا كان مخالفا لرأى جماعة العائلة المنقسمة على نفسها بين أغلبية مقاطعة وجزء بسيط مؤيد للمرشح الأول والثاني، والبقية، لا صوت ولا رأي لهم.
لم أرغب أن منح صوتي لأي أحد، وعليه، كان علي أن أصوت ببطاقة بيضاء: المهم المشاركة حتى لا ينتخب في مكاني أحد! فقد سمعت أنه من لا يصوت، فسيصوتون بدله شاء من شاء وأبى من أبى.
لم يكن "الغاشي" كثيرين أمام مركز التصويت! فقد كان القائمون على القوائم القائمة القاعدة، أكثر من المصوتين! دخلت "في خاطري" بكل راحة واطمئنان وسكينة ووقار، وهدوء وراحة بال، مررت على القائم على فحص سجل المنتخبين في هذا المركز، بحثوا عن اسمي فوجدوه (الحمد لله لم يكن أحد قد صوت بدلا عني إلى حد الآن! فرحت لأني سبقتهم! فلقد كان الشك يراودني أن يسبقوني، خاصة وأني لم أنتخب منذ 20 سنة، وقد يكونون يعرفونني بأقدميتي في هذا المجال، فيصوتون بدلا عني مسبقا! الحمد لله، خاب ظني وباء بالفشل، وحمدت الله على أن ذلك لم يحصل. هذا الأمر زاد في قناعتي بأن الأمور تسير بخير وعلى خير وأن نسبة الشك في التلاعب والتزوير تنحصر وأن الشك قد بدأ يتبدد أمام أعيني وحمد لله من جديد!: الحمد لله الذي جعلنا نتعلم الديمقراطية في وقت قصير وجعلنا نهتدي إلى طريق الخير بدل التزوير ونعترف بصوت الشعب المضرور الضرير، ونغلب مصلحة الفقير على مصلحة جبهة التحرير. بعدها مررت على القائمة على قوائم المرشحين الستة، أخذت ستة قوائم وظرفا واحدا، ولم يقم أحد بتوجيهي أو أخفاء بطاقة أي من المرشحين الستة. فقد كان البعض يشتكي من عدم أو قلة بعض أوراق مرشحي المعارضة، مما يجعل المواطن عرضة للتلبيس والتدليس وأخذ ما كان موجودا ومعروضا على الطاولة، تماما مثل السلعة وعقلية "أدي وإلا خلي" والمثل القائل "الجود من الموجود". لكني لاحظت أن الأمور تسير بشكل طبيعي وعفوي، لا همس ولا لمس ولا غمز ولا لمز، بحضور ممثلي جميع المرشحين المراقبين لسير العملية. دخلت المعزل، فلم أجد في الأسفل أوراق المرشحين المعارضين مرمية في الأسفل كما كان يفعل في السابق، حيت كانوا يرمون أوراق غير المرغوب فيهم في أسفل أرضية المعزل لينبهوا الناخب إلى أن الناس لم تنتخب هؤلاء وعليك أن تفعل مثلهم حتى لا تخرج عن القاعدة! وبما أن كثيرا من الناس يتأثر بما يرى وذي نفسية سلوكية انطباعية أو لا رأي له ، فيضطر إلى التقليد، والتأثر بالمحيط فيرمي ما رماه الآخرون (مع أن المشرفين على المركز يكونون أصلا هم من رموا بطاقات المرشحين لإيهام وتغليط الناخب). لم أجد صورا ولا بطاقات مرمية، فاخترت أن أضع البطاقات الستة كلها في جيبي وأن أخرج بظرف فارغ أضعه في الصندوق كعربون مني كمواطن رافض للمقاطعة أن أوصل رسالة "فارغة" مفادها أنه لا مرشح واحد ملأ أعيني لأنكم لم تفتحوا العمل السياسية الديمقراطي وعلبتم الديمقراطية على مزاجكم حتى لا يخرج إلى العلن إلا ضعفاء الأنفس والأرانب أو الذين لا حظوظ لهم بعد أن يتم استبعاد المرشحين الأكثر حظا وأكثر مصداقية والتي غابت وغيبت من المسار منذ 20 سنة. هذه كانت رسالتي لهم. خرجت ووضعت الظرف فارغا في الصندوق وخرجت مسلما على الجميع لأنه لم يكن في المركز ساعتها غيري!
لكن ما كدت أخرج من المكتب، حتى لحقني أحدهم يهرول شبه غاضب: واش درت سي محمد؟ قلت له: والو..ما نيش عارف! قال لي: راك درت غلطة قد وجهك! نسيت تضع بطاقة الرئيس المرشح في البطاقة، ورانا صححنا الخطأ نتاعك ودرنا في الظرف ورقة الرئيس المرشح.. تقدر تمشي وما تعاودش تدير هذا العفسة... هيا تربح...
وأفيق وأنا أردد أغنية الشيخ العنقا: الحمد لله ما بقاش الاستعمار في بلادنا..


حديقة حيوانات بشرية

وجدت نفسي مديرا لزريبة اسمها "حديقة حيوانات" تابعة للبلدية!. حديقة يكاد لا يوجد فيها حيوان ما خلا الحيوانات البشرية التي تعمل فيها ومن بينهم أنا! فلقد انقرضت الحيوانات التي بقيت هنا من أن ترك الاستعمار البلاد غير مأسوف عليه. انقرضت تحت تأثير كل أشكال التنكيل: الجوع والعطش وقلة الاعتناء، مرورا بذبح بعدها من طرف العسس الليلي تحت تأثير الخمر: أكلوا غزالين ونعامة، وبعض العناز وبقرة وجملا، والعديد من البط والدجاج والديكة من ديك رومي و"عربي". كل هذا خلال 10 سنوات. البقية من الحيوانات، ذهبت إلى شقق وفيلات المسئولين بدء من الوالي ونوابه والمير وأعوانه، وانتهى المطاف بي، بأن أسكتوني بنسر لا يزال على قيد الحياة في بيت مسئول في العاصمة اشتراه مني بخمسين مليون سنتيم! القرد ذهب للوالي، الطاووس لرئيس البلدية، ولست أدري أين ذهبت الحيوانات ألأخرى: الفيل الزرافة، ثلاثة من الضباع وأسد ولبوءة ونمر وفهد وتمساح! (أكيد أن الذي أخذ التمساح يملك مسبحا أولمبيا!)..
لما عينت مديرا لحديقة الحيوان البلدية، كان هناك فقط 40 حيوانا وطائرا، بعد أن كان يضم في الأصل 132 نوعا. واليوم لم يبق إلا 4 حيوانات +5،  أي أربعة عمال وحراس وأنا خامسهم! حتى الأقفاص أخذت لتربية الحيوانات المنزلية من أرانب ودواجن وكلاب وكباش العيد.
هذه المرة، كان علي أن أمر بامتحان صعب: لقد جاءني الوالي بنفسه رفقة وفد يضم المير ومدير الأمن ونحو 17 من الأعوان: وفد ضخم جاء في زيارة فجائية، ليقولوا لي أنه على أن أدبر رأسي وأن أزود الحديقة بأكثر من سبعين نوعا من الحيوانات والطيور لأن الرئيس سيزور الحديقة رفقة العاهل القطري وهذا أمر سري جدا، وعلى أساس أن يتم هذا في أقل من أسبوع! طلبت منهم الإعانة وأن يرد كل من أخذ حيوانا أو طائرا إلى الحديقة مثلما أخذوها،  أو على الأقل يسلفوها لنا في سبيل الله، ريثما يمر الوفد الرئاسي. لم يرد على أحد طلبي لا قبولا ولا رفضا: أعطوني بالظهر تركوني و"اعطاوها"! وبقيت وحدي أحترق وأزبد وأرعد "أكفر" بالفرنسية والعبرية وبكل اللغات. وبت تلك الليلة أفكر في كيفية الخروج من هذه الورطة التي وضعوني فيها! هكذا يحصل في بلدنا! في الحقيقة زوجتي هي التي أنقذت الموقف، وأعطتني الوصفة السحرية! قالت لي: هذه زيارة "فاصاد"، لبق لهم وبريكولي وزوق تبيع وشكون اللي على باله بيك! وأعطتني فكرة! وغدا، كنت أعقد صفقات: أولا مع جارنا الطوليي! دبرت له 3 أحمرة وطلبت منه أن "يصبغهم" ليخرجهم بلون حمار الوحش! حمار لابس بيجاما! (الحقيقة أنه أبدع! أخذت حمر الوحش إلى الزو ورائحة البنتورة لا تزال تزكم الأنوف، وتركتهم يجفون في الشمس!. ثم وجدت 5 كلاب متشردة من أنواع مختلفة، أخذتهم عند أخي الحلاق وطلبت منه أن يصفف فروتهم ليصبحوا مثل الذئاب البرية. لست أدري ماذا أضاف لهم ولكنهم بدوا "خير من الذئاب الأصلية"! قال لي فيما بعد أنه وضع أنوفهم في الخل ليلة كاملة، ثم أطال لهم أنوفهم حتى بدوا كما لو كانوا ذئابا! كلب كبير أعرج، حوله إلى ضبع بعد صباغته، أنا بذاتي حسبته ضبع (لأني أنا هو الضبع الحقيقي!). اشتريت 4 من الديوك الرومية ونتفنا لهم ريش أعناقهم وحولناهم إلى عقبان ونسور، وصاروا يأكلون الجيف بعد 3 أيام من الجوع المتواصل! صرنا نعطيهم الجرذان فيلتهمونها (جوعا لا رغبة). وهكذا دواليك! خلال 3 أيام، كانت حديقة الحيوانات قد استعادت أمجادها من الحيوانات المفترسة (طايوان). البقية، قمنا باستئجار بعض العمال والمعارف للعب دور هذا الحيوان أو ذلك بعد أن زودناهم بجلود اصطناعية! الفيل: وجدنا رجلا ضخما (موح السمينة)، أدخلناه في لعبة بلاستيكية في غاية الشبه والإتقان تشبه الفيل. نفخت فتضخم حجمها 4 مرات حجم الرجل الضخم داخلها! يوم واحد من التمرن وكان موح السمينة، ينافس الفيل الحقيقي في كل شيء: من الصوت إلى الصورة إلى الحركة. الزرافة، نفس الشيء، حصل معها! استقدمنا "بوعلام طايايو"، الذي يفوق طوله 2.30 متر، والذي طال واستطال حتى أحدودب نصفه العلوي، مما جعل الناس يسمونه "لاجيراف". هو الآخر أبدع في التمثيل ولعب دور الزرافة! كل هذا بعد أن أخبرنا الجميع بأن الأمر يتعلق وفقط بتصوير حصة تلفزيونية في حديقة الحيوانات، لهذا كانوا جد منشرحين خاصة وأن ما عرضنا عليهم لقاء يوم واحد من التمثيل كان يفوق أجر شهر..(البلدية هي من تدفع، لكنها لم تدفع لأحد ولو دورو!). يوم الزيارة، كان مشهودا! جاء الرئيس بعد طول انتظار، حتى أن عمي علي العساس، الذي قبل أن يلعب على كبره دور القرد، كاد أن يسأم ويخلع الجد ويخرج من جلده أمام الرئيس والوفد المرافق لولا أن هددته بأنه لن يرى فلسا واحدا!. الرئيس، ما إن وصل حتى وقف أمام الأسد وقال لي: ماله هذا السبع نتاعكم؟ فيه مجاعة عندكم؟ قلت له: والله سيدي الرئيس الا راه ياكل خير منك ومن الوفد المرافق لك! (فنهرني البروتوكووول)..رد علي الرئيس: أدخلوا السبع على القرد ونشوفوا شحال راه ياكل! عمي علي، سمع الكلام وبدأ يتمتم: اشهد أن لا إله إلا الله...سمعته ولم يسمعه غيري! لأنه لا أحد كان يعرف ماذا يجري في الحديقة. في لحظة واحدة، كان الأسد في قفص "عمي القرد"! الأسد ما كان عليه سوى أن زأر وهجم على عمي علي، ليقول له في أذنه: ما تخافش: أن غير قويدر نتاع الكوزينة!
وأفيق وأنا أتحسس بطني جوعا وأفكر بما يكون قد حضر لي في الكوزينة.